اللي لسعه الحنش يتخايل الحبل

بلغة فصيحة يمكن قول :من لدغه الثعبان، سيخاف من الحبل ويتخيله ثعبانا، مثل شعبي نقوله لمن بلغه الضرر من أمر ما فأصبح يتوخى الحذر من نتائج أمور أخرى مشابهة، وهو ترجمة كلامية شعبية لما قاله نبينا الكريم (ص) “لا يلدغ مؤمن من جحر واحد مرتين”، وبرغم أن المثل الشعبي يعني في طياته الخوف (وهو مطلوب.. إذ أننا نقول “اللي يخاف سلم”) إلا أنه يحمل أيضا قيمة عملية تكمن في أن على المرء في حياته (أو الشعوب أيضا) أن يكون كيِّسا فطنا متيقظا، فإذا أخطأ مرة عليه أن يستفيد من خطئه الأول بأن لا يقع فيه ثانية، وإذا لدغ من جحر مرة أن يحذر ويحتاط منه بعد ذلك.

 

مزين الفاس في يد الناس

كلمات قريبة جدا إلى اللغة العربية “ما أجمل الفأس في أيدي الناس”، يقدس به العمل كعبادة ويتغنى بجمال رؤية الفأس في يد إنسان ذاهب إلى العمل، ولا شك أن الكسالى من الناس لا يرون في المجتهدين والعاملين غير نظرة الاندهاش من تعلقهم بالدنيا، ولكنهم يحسدونهم على نجاحاتهم، ولله در من قال “على قَدر أهلِ العزمِ تأتي العزائـمُ … وتأتي علـى قدر الكــــرام المـكارمُ — وتعـظمُ في عين الصـغيرِ صغـارُها … وتَصْغُرُ في عَين العظــــيم العـظائمُ. تذكر دائما قيمة العمل في الإسلام وهو مطلب في حد ذاته فالنبي صلى الله عليه وآله وسلميقول : “إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها ، فليفعل”، ولا تنسى قوله دائما: “فَإِذَا عَزَمتَ فَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ (آل عمران).

يعيشوا في الدنيا أهل البدايع وأهل الصنايع

مثل شعبي جميل أجاد التعبير عن قيمة الإبداع في المجتمع وكذلك قيمة الحرف والصنائع المكتسبة التي لا يمكن الاستغناء عنها، فمن جانب الإبداع نلاحظ أن من لديهم تلك الروح الإبداعية في إنتاجياتهم المختلفة أي بالخروج عن المألوف بشيء جديد لم يسبق إليه، سواء كانت جديدة على الناس أو مكتسبة مطورة، لديهم دائما حظوظ أكبر في الحياة لأنهم استطاعوا كسب حب الناس لأعمالهم وإبداعاتهم، ونفس الشيء بالنسبة للحرفيين والصناعيين ممن استطاعوا كسب ثقة الناس الذين هم بحاجة إليهم دائما، وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يشيد بالمبدعين من أصحاب الصنائع، ويوكلهم بالأعمال, فعن قيس بن طلق عن أبيه قال: بنيت مع رسول الله مسجد المدينة فكان يقول: ((قدموا اليمامي من الطين فإنه من أحسنكم له مسًّا وأشدكم منكباً))…

يفنى مال الجدين وتبقى حرفة اليدين

كان النبي داوود لا يأكل إلا من عمل يده، ولم يكن ذلك من الحاجة لأنه كان خليفة الله في الأرض، ولكنه كان يبتغي الأكل من طريق أفضل… الموروث من المال لا بد سيفنى وإن طال الزمن، والموروث من الحرف والصناعات سيجعل صاحبه دائم النفع والانتفاع مما تجيده يداه، هذا ما يقصده المثل الشعبي الذي يحث على قيمة اكتساب المرء لمهنة (حرفية أو خدمية) تفيده في مستقبله، وهناك مثل شعبي لبناني يقول “مالك صنعة ساكن قلعة”، ومهما كان العمل يبدو في أعين الناس صغيرا أو بسيطا ولكنه عظيم في المنظور الصائب وأفضل من السؤال وأفضل بلا شك من الخمول والاعتماد على مال مكتسب موروث لأنه لا بد سيزول، كما أن الناس تقول هذا المثل تعبيرا عن حبها وإعجابها وتقديرها للإنسان العامل لأنه يفيدهم بينما القاعد على أموال يأكلها ليس منه فائدة ترتجى، وقد قال عمر بن الخطاب:”إني لأرى الرجل فيعجبني، فأقول :له حرفة؟ فإن قالوا: لا، سقط من عيني”، ولا بد أن عمرا لم يكن يفرق بين غني اغتر بمال أجداده أو فقير لم يتخذ لنفسه مهنة.

ولد الفار يجي حفار، وولد البط يجي عوام

هناك مثل عربي يشبه المثل في هدفه “هذا الشبل من ذاك الأسد”، أو الولد نسخة أبيه، يفل أفعاله، ويرى آراءه، ويشبهه في الكثير من الأمور، منها الجينية ومنها العادات والأفعال المكتسبة، وكثيرا ما نرى الناس يحملون حرف آبائهم، وهذا جميل للمحافظة عليها، والأجمل يتمثل في الأخلاق الحميدة والعلم والمعاملة مع النلس وغيرها من الثمار الإيجابية التي قد تبرز في الأبنء وشجرتها الأب طبعا، أما التصرفات المشينة والأخلاق الخبيثة فخسئ الولد إذا حملها من أبيه، وبئس الأب هو.